صحیفة ترکیة تکشف: الاجتماع الأمني الأول من نوعه بین أنقرة ودمشق الذی یعقد على الأراضی السوریة
كشف صحيفة النور التركية «آيدنليك» استئناف المحادثات في مسار التطبيع التركي مع النظام السوري، الذي شهد تعثراً العام الفائت لعدم استجابة الطرفين للطلبات المتبادلة بينهما، حيث التقى الوفدان التركي والسوري الأسبوع الفائت، في قاعدة حميميم الجوية الروسية على الساحل السوري، على أن يعقد اللقاء الثاني في العاصمة العراقية بغداد.
وقالت إن مسؤولين عسكريين من القوات التركية والنظام السوري عقدوا الثلاثاء 11 يونيو/حزيران، برعاية روسية، الاجتماع الأمني الأول من نوعه الذي يعقد على الأراضي السورية، وناقش آخر التطورات في إدلب ومحيطها.
وحسب المعلومات فإن اللقاء المذكور عقد غداة لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية التركي هاكان فيدان في موسكو، مشيرة إلى أن العلاقات السورية – التركية تقترب أكثر فأكثر.
خط دفاع في إدلب
وعقب الاجتماع مباشرة، ترددت أنباء عن إرسال القوات المسلحة التركية شحنة عسكرية إلى منطقة جبل زاوية جنوب إدلب، وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره المملكة المتحدة، في 14 يونيو/حزيران، بأن القوات التركية أنشأت خط دفاع جديداً على معظم الخطوط الأمامية في مناطق خفض التصعيد بريف إدلب، والذي يضم 20 بلدة وقرية. ورفعت القوات السدود وحفرت الخنادق لحماية الطرق الرئيسية وخطوط الإمداد إلى مناطق منفصلة خوفاً من التصعيد العسكري أو مواجهات محتملة.
الاجتماع القادم
وكشف المصدر أن اللقاء المقبل بين البلدين سيعقد في العاصمة العراقية بغداد، وقال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في بيانه يوم 31 مايو/أيار «إننا نحاول خلق أساس للمصالحة والحوار بين سوريا وتركيا». مضيفاً أن «المفاوضات بهذا الشأن مستمرة. ونأمل أن تكون هناك بعض الخطوات في هذا الصدد قريبًا».
وأضافت الصحيفة: «في وقت لاحق، أدلى مسؤول حكومي بتصريح لوسائل الإعلام العراقية، أن مسؤولين من تركيا وسوريا سيعقدون اجتماعاً في بغداد خلال الأيام المقبلة. وفي إشارة إلى جهود العراق لتحقيق المصالحة بين البلدين، قال المسؤول: «هناك نتائج إيجابية من خلال اتصالات واجتماعات ثنائية غير معلنة؛ لقد قبلت كل من دمشق وأنقرة بشكل كبير وساطة بغداد».
الدوافع التركية
بدأت بوادر التغيير في السياسة التركية وفقاً لـ»المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسيات» تجاه الصراع في سوريا منذ التدخل العسكري الروسي في سوريا في سبتمبر/أيلول 2015، إذ غدت سياسة تغيير النظام في دمشق التي تبنّتها أنقرة منذ خريف 2011، غير واقعية في حساباتها. ودفع التحالف الذي أنشأته واشنطن مع قوات سوريا الديمقراطية «قسد» للقضاء على «تنظيم الدولة الإسلامية» إلى تغيير أولويات أنقرة في سوريا، وأدى ذلك إلى تمهيد الطريق أمام تفاهمات تركية – روسية كان جوهرها تخلّي أنقرة عن سياسة تغيير النظام في دمشق مقابل تعاون موسكو في منع قيام كيان كردي على الحدود التركية – السورية. لكن التغيير في السياسة الخارجية التركية أخذ منحى أكثر شمولًا وعمقًا، بسبب تنامي التوتر في العلاقة مع واشنطن منذ وصول إدارة الرئيس جو بايدن إلى الحكم مطلع عام 2021، وتفاقم الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها تركيا.
ودفعت هذه التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية الرئيس رجب طيب اردوغان إلى إجراء تغييرات واسعة في سياسته الخارجية، شملت تحسين العلاقات مع السعودية والإمارات وإسرائيل ومصر وإيران، وغيرها. وعلى الرغم من أن تغير سياسة تركيا تجاه القضية السورية بدا كأنه جزء من مقاربتها الإقليمية الجديدة، فقد كان للعلاقة مع سوريا خصوصية إضافية واضحة ممثلة بصراع مرير مع النظام السوري نتج منه وجود نحو 3.7 ملايين لاجئ سوري في تركيا.
ونتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة، صار موضوع اللاجئين السوريين مادة لنقاش ساخن في المجتمع التركي، استغلته المعارضة لتقويض موقف حكومة حزب العدالة والتنمية، فأخذت تثير نعرات عنصرية تجاههم وتحمّلهم مسؤولية الأوضاع الاقتصادية التي تواجهها البلاد، حتى صار موضوعهم مادة رئيسة في حملة الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة في مايو/ أيار 2023. وفي المقابل، حاول حزب العدالة والتنمية، الذي تعرّض لهزيمة انتخابية ثقيلة عام 2019 عندما خسر بلديتَي إسطنبول وأنقرة في الانتخابات المحلية، سحب ورقة اللاجئين من يد المعارضة، مبررًا المشاكل الاقتصادية بعوامل من بينها تحمّل تركيا عبء اللاجئين، ومتعهدًا بإعادة نحو مليون لاجئ سوري إلى بلدهم، وهو أمر يحتاج في تنفيذه إلى التعاون مع النظام السوري. حسب الورقة التحليلية التي أضافت أنه «مع إصرار الولايات المتحدة على رفض أيّ عملية عسكرية تركية ضد قسد، برز التعاون مع روسيا والنظام السوري أيضًا باعتباره الخيار الأمثل أمام أنقرة لاحتواء خطر قسد، فعرضت مساعدة النظام السوري على استعادة السيطرة على المناطق التي خسرها لقسد، خاصة في شمال سوريا وشمالها الشرقي. وقد سمح هذا التحول بعقد اجتماع بين وزيرَي الدفاع ورؤساء مخابرات تركيا والنظام السوري في موسكو» وذلك في ديسمبر/ كانون الأول 2022.