السیاسیون في بریطانیا "یثیرون حالة من الذعر" ضد المسلمین.. أین الدلیل؟
نشر الكاتب البريطاني بيتر أوبورن مقالا بعنوان “السياسيون في المملكة المتحدة يثيرون حالة من الذعر ضد المسلمين.. أين الدليل؟” في موقع “ميدل إيست آي” (عين الشرق الأوسط) البريطاني، الذي يساهم في إدارته رفقة ديفيد هرست، أكد فيه أن هناك رواية مثيرة للقلق تتزايد باطراد في السياسة البريطانية، وهي الادعاء أن إسلاميين “متطرفين” يسيطرون على شوارع لندن، ويرهبون السياسيين، ويدمرون سلطة البرلمان، ويهددون الديمقراطية، ويفسدون النظام السياسي في البلاد، وقد بلغت هذه الرواية أوجها خلال اليومين الماضيين.
وقدم أوبورن في مقاله كنماذج عددا من التصريحات لسياسيين وصحافيين بريطانيين تروّج لهذه الرواية؛ منهم: روبرت جينريك الوزير السابق في الحكومة، الذي تحدث في مجلس العموم يوم الخميس قائلا إن بريطانيا “سمحت للمتطرفين الإسلاميين بالسيطرة على شوارعنا”. وتحدث عن “نمط من المتطرفين الإسلاميين الذين يخيفون من يختلفون معهم، مثيرين احتمال انتشار العنف”.
وأشار إلى ما قاله في اليوم نفسه، رئيس الوزراء ريشي سوناك، إنه “ينبغي لنا ألا نسمح أبدا للمتطرفين بترهيبنا لتغيير الطريقة التي يعمل بها البرلمان”.
وأكد الكاتب، الذي يعرف الإعلام البريطاني جيدا، أن وسائل إعلام بريطانية أيّدت هذه الادعاءات. وأشار إلى ما أثارته أليسيا فيتزجيرالد، وهي مراسلة سياسية، من شعور بالذعر على قناة “تالك تي في” (اليمينية المملوكة لروبرت ميردوك)، عندما قالت إنها كانت تتحدث إلى نواب حزب العمال، خاصة النساء، الذين كانوا “مرعوبين للغاية” من مغادرة مجلس العموم في مواجهة “الحشود المؤيدة للفلسطينيين بالخارج”.
وقال الكاتب إن كثيرا من التصريحات من سياسيين كبار وصحافيين شهيرين تذهب في هذا المنحى. وأكد أن هذه اتهامات قوية، لكن مطلقيها لم يقدموا أي أدلة لدعمها، مضيفا بأنها انتشرت بعد أن قدم الحزب القومي الأسكتلندي اقتراحا في مجلس العموم يدعم بقوة وقف إطلاق النار في غزة.
وأشار إلى أن تقديم الحزب الأسكتلندي اقتراحه، أوقع زعيم حزب العمال كير ستارمر في حرج؛ نظرا إلى أنه يؤيد إسرائيل في حربها على غزة.
ووقع رئيس مجلس العموم ليندسي هويل هو الآخر في مأزق؛ بسبب إذعانه لضغط من ستارمر بالتصويت على اقتراح مخفّف مقدم من الأخير يدعو إلى “وقف إطلاق النار الإنساني في غزة” بدلا من التصويت على مقترح الحزب الأسكتلندي الذي يدعم الموقف الفلسطيني بقوة.
وأشار الكاتب إلى التقارير التي تحدثت عن أن ستارمر قد أبلغ هويل بأنه قلِق جراء تهديدات يتعرض لها نوابه، وضغط على هويل بالتهديد -تلميحا- بعدم التجديد له لرئاسة البرلمان فترة أخرى، الأمر الذي دفع هويل إلى اتخاذ قرار بتعديل الاقتراح.
ولفت الكاتب إلى أنه وسط دعوات غاضبة تطالبه بالاستقالة، قال هويل علنا إنه عندما اتخذ قراره المثير للجدل، كان “قلقا للغاية” بشأن سلامة النواب وعائلاتهم وموظفيهم. وقال الكاتب إن رئيس مجلس العموم لم يوضح بالضبط مَن الذي يهدّد سلامة نواب حزب العمال.
وأكد الكاتب أن الاتهامات الموجهة ضد المسلمين خطيرة للغاية، وتتطلب اتخاذ إجراءات فورية، لكن لم يُقدّم أي دليل. ولا يوجد دليل من رئيس مجلس العموم، الذي أطلق هذه العاصفة الإعلامية.
وفنّد الكاتب في مقاله المزاعم من السياسيين والصحافيين، واحدة وراء أخرى، بوقائع لا تقبل الشك، وأضاف أنه في حال وُجهت مثل هذه التهديدات، كما يزعم ستارمر وهويل، فلا بد من التعامل القضائي معها، وإصدار أحكام بالسجن.
وتساءل الكاتب عن السبب في عدم إصدار ستارمر وهويل بيانا عاما حول تهديد بهذه الخطورة للسياسيين البريطانيين يحضره رئيس الحكومة، مؤكدا أن رواية التهديد الإسلامي للبرلمان لا تتوافق سوى مع “أجندة” كلٍّ من رئيس مجلس العموم، وزعيم حزب العمال.
وأشار الكاتب إلى أن ستارمر وهويل بحاجة إلى التحرك؛ لأن تصريحات رئيس مجلس العموم، سواء عن قصد أو بغير قصد، أدّت إلى انفجار مشاعر الكراهية ضد الإسلام والمسلمين، الذين يحتجون على الحرب الإسرائيلية في غزة.
وطالب أوبورن رئيس مجلس النواب، إذا كانت هناك اتهامات حقيقية، أن يقدم، بمساعدة ستارمر، أدلة عليها، وإذا لم تكن كذلك، فعليه أن يسحبها.
وأكد أنه من المهم أن نتذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تُوجّه فيها افتراءات وتلميحات كاذبة حول معارضي الحرب الإسرائيلية في غزة.